بدون عنوان
هل هو قدر مقدور على الشعوب أن لا تسودهم إلا أراذلهم؟ و إلى أي مدى أخطأت الكفاءات حين نأت بنفسها على أن تدنس في هكذا حال،كحال تونس اليوم ففسحت بذلك المجال للأرذال الأراذل فجاسوا خلال الديار.
مهما حمل هذا السؤال من غرابة إلا انه يظل مرآة عاكسة للواقع اليوم. ويكفي المرء أن يسأل نفسه عن مقاييس السيادة والتمكين من المسؤولية في واقع الرداءة… ففي الإدارة إن لم تكن الصفقات والعلاقات الجنسية، فهي الوشاية و التذلل. حتى ما إن مكنت هذه الوسائل “الإنتاجية” صاحبها أخضع لها غيره لاحقا. هكذا أصبحت هذه السلوكيات متأصلة لا في سلوكيات الإدارة فحسب بل في طقوس الانتدابات بما في ذلك في المؤسسات الجامعية الذي أنتج انحطاط مستوى كوادرها و إداراتها، بتزكية في أحسن حالاتها غير معلنة من وزيرها، ما يعانيه المجتمع من ضياع و ضيم و حرمان. سيما أن مكانة هذه الوزارة هي مكانة الرأس محل العقل المدبر في الجسم، أو هكذا يفترض.. وهنا غابت الثورة الحقّة. وهذا ما تأكدت منه على مر حوالي سنة و نصف من المراقبة ومحاولاتي لإصلاح ما أمكن في نفس الوقت. و أيقنت في النهاية أن محاولاتي الفردية لا تعدو إلا أن تكون هجمة برفش على جبل نفايات لأتلفه.
الغريب أن نسمع للسيد وزير التعليم العالي و “البحث العلمي” وهو يكرر وعوده لهؤلاء بزيادة رواتبهم و كأني به يسعى ليرشيهم بدل أن يحاكمهم عن أموال سلبوها في شكل رواتب دون مقابل. فإذا قارنا على سبيل المثال رواتب هؤلاء منتحلي صفة ” بروف” وهي تعني الاحتراف المبدع و الخلاق برواتب من هم كذلك فعلا من الألمان مثلا لتبين لنا أن الأستاذ المبدع في ألمانيا يتقاضى ضعف راتب العامل البسيط في ألمانيا. على عكس ذلك تجد وضعية رواتب هؤلاء منتحلي صفة أستاذ جامعي مكافأة لاستيرادهم ولاجترارهم لترجمات منتوج غيرهم العلمي وقد أمسى بال في واقع الإبداع قد بلغت حوالي سبعة مرات راتب العامل البسيط، هذا و الطالب التونسي المحطم مستواه المهني بعد العلمي نتيجة مستوى هؤلاء الأساتذة و نيله في النهاية شهادة مغشوشة يتقاضى حوالي خمسين دينارا فقط ، أي حوالي 2,5% من راتب الأستاذ في تونس على نقيض الطالب الألماني الذي يتقاضى منحة طالب ما قدرها ألف و خمس مائة دينارا تونسيا,أي ما يزيد عن 25 % من راتب الأستاذ الجامعي علما أن هؤلاء الطلبة المجوّعين في تونس هم إلى جانب غيرهم من شريحتهم العمرية من حرر البلاد تونس بما في ذلك تحرير أولئك الأساتذة وهو الكلام الذي يخنق لهم أنفاسهم في حناجرهم كلما جابهتهم به.
أما عن الريادة و القيادة في واقع الساسة فحدث و لا حرج… و ربما هذا ما جعلهم دوما في الغرب على ضوء سبر الآراء أكثر شريحة اجتماعية محلا للاحتقار في المجتمعات . هذا ما يقود إلى السؤال: إذ أنى للمرء أن يختار من يحتقره لتسييس حياته.
حقيقة ما في الأمر أنه في النظم السياسية الديمقراطية لا مفر من التمثيل السياسي ، إلا أن هذا الدور، أي التمثيل السياسي، لا يرقى في نظر الناخبين الغربيين ليبلغ دور الممثل التجاري. فالممثل التجاري لا ينظر إليه من قبل المستهلكين كونه هو المبدع و المنتج لما يروج بقدر ما ينظر إليه بعين الريبة خشية الغش والتحايل. و الفضل يعود في تبيان شروط السلامة في علاقة المنتج بالمروّج فالمستهلك في الواقع السياسي الغربي يعود إلى نخبة منتجة. أما في واقع التواكل والتآكل فقد يكون من لغو الحديث المجازفة بالدعوة لمحاصرة و محاربة مسارات العمل السياسي اليوم لكون أسسه عروشية بعد أن غابت فيها المؤهلات والقدرات.و هكذا يكون أساس الانتماء فيها قائما على العصبية لا على مقومات عملية وهكذا يستمر ” الرافل” كأداة الإنتاج الوحيد و الأوحد لتلك القبائل “ألأحزاب” التونسية على حد السواء . فهي حملات “رافل”. و مقياس نجاح عملها من فشله يتحدد عندهم بكم ضحايا خطاباتهم الخادعة الذين عبؤوهم خلفهم ، و يستمر مع ذلك “الرافل”كغاية في حد ذاتها في العمل السياسوي التونسي ومعه تستمر المراهنة على الخداع بالقول فيطمع الذي في قلبه بقية أمل…
لا خلاف إذا على الاختلاف هنا وهناك في الديمقراطيات الغربية في شأن وضاعة الساسة مع فارق أن هناك في الغرب حيث العمل الحزبي ليس هو الغاية في حد ذاتها بل معرض لإبداع البرامج على مختلف المستويات بآليات تتنوع بالاجتهادات الحزبية بهدف التميّز في التمّيز في النجاحات القائمة فعلا.
أما في مجتمعنا و قد منّت فيه هبة شباب على نخبة مغشوشة و منتحلة للصفات بتحرّر يبدو انه غير مرغوب فيه من “النخبة” وقد الفت الارتزاق عبر سبل سهلة ليس آخرها الدجل بالمعرفة وسبل وضيعة أخرى، حيث أصبح يشكل تحد لها كل من سعى لكشف السوءات التي ما كانت لتكشف فتوحّدوا على محاصرة و طرد من أوجسوا منه خيفة انه من قوم يتطهرون ليخلوا لهم الجو واهمه فضاء الجامعة وتستمر الجامعة “التياس” السياسي مرتعا للغريزيين المتزلفين الانتهازيين مستثمرين في ذلك جبن القيادة. و النتيجة هي ان تلك “النخبة” قد ولغت في الجامعة وتلغ اليوم في ثورة بعد نجاحها ذلك بعد أن كانوا سابقا كمرتزقة السبب في وأد أسباب اندلاعها. هذا عن علاقة تلك “النخبة” مع المحيط الخارجي. أما سمة علاقاتهم البينية فقوامها الخداع بما في ذلك خداعهم لأنفسهم و هم يشعرون. و ما المستوى العلمي للطلبة و انحطاط الواقع السياسي عامة إلا مرآة عاكسة لرداءة حالهم.
إن شان الساسة هو شان المغني الذي لا دور له سوى إطلاق الأصوات فمت انتفى صاحب الكلمة وانتفى صاحب اللحن تحول صوت المغني إلى نشاز، إلى ضرب من الجنون . ولكن أين ستؤول الأمور لو كان ذاك الذي يفترض هو من يبدع الكلمة و يرسم اللحن مجرد دجال مرتزقا…
هذا حال أهل الفكر والساسة في تونس كما هو حالهم زمن تواجدهم في اروبا كمنفيين وهو حال ضحاياهم الذين علقوا فيهم آمالهم وهم لا يعلمون أنهم أخوى من فؤاد أم موسى ، عزائهم انهم لم يعرفوا بالعمالة للداخل و للخارج و قد احترفتها جيوش “حداثوي” تونس.
لقد تابعت خمول أهم تلك الوجوه السياسية أيام منفاهم في أوروبا أين كانوا يتسكعون بدل أن يبدعوا في واقع متاحة فيه كل الإمكانات على أن يكونوا مبدعين، لكن غلبتهم طبائعهم عن التطبع فآثروا “النبح” باسم خدمة الدين حينا و الوطنية أحيانا والحقيقة أن صنيعهم هذا هو عين التوسل والتسول بالدين و الوطنية لا خدمة لهما، و حصاد كسلهم زمن تواجدهم في أرض الفعل و العطاء دليل على ما يحصل الآن حيث استنزف جوهر ذاك الخطاب على حساب المبادئ المسوّغة لمناسبات خطابية هي مجرد حملات لتسويق الذات .
مع هذا يبقى حال هؤلاء وهذا في نظر العامة على أية حال أهون من حالة الانفصام التي عليها شريحة أخذتها العزة بان انتحلت مكوناتها لنفسها صفة “التقدمية ” أو “الحداثوية ” أو “علماني” وهم لم يبلغوا في ذلك مبلغ القردة حتى ينجحوا في تقليد الأمور على حقيقتها . وكانوا بذلك من منظور أنطربولوجي وفق المنظومة الفكرية الماركسية نفسها، وقد شوهوها بإعلانهم هوايتهم لها ـ غير بشر بعد ، ومن منظور سياسي مجرد مشاريع دياثة ثقافية وسياسية لا غير. فهم على هيأتهم تلك قد مثلوا من منطلق الفكر الماركسي الغير ملوث عبر التخفي خلفه لتحقيق غايات منفعية هابطة تعكس جوهر أتباع هذا السلوك وقد تسابقوا ضمنها في الظفر المظفر ” بتبديل كوش ليلى الطرابلسي سيدتهم الأولى… إنهم أتفه فكرا وخلقا من أن يمثلوا الفكر الماركسي وقد نشأ هذا الفكر في ربوع الجشع المتخفي وراء الكنيسة لتدور عليه الدوائر في تونس ويصبح نتيجة سلوك جيش الغريزيين ” الحداثويين ” أبشع صورة للمرض الإديولوجي بما تعنيه هذه الكلمة من منظور علمي لا سياسوي.
هذا عن المشاريع السياسية عبر التوسل والتسول بالدين من ناحية وعن كمشة من المرتزقة المراهقين فكريا اختاروا لأنفسهم “على بركة الله” اسم “حدا ثويين”. ذلك حين حلت في وعيهم الخساسة محل الحداثة.
أما عن بقية الأحزاب فعذرها في كمّها ، أي هي أقل ضررا على البلاد بحكم حجمها المحدد لانتشارها إلا أنها تبقى حلقات من مسرحية أبطالها رؤساء أحزاب أقربهم حبا لعامة المشاهدين ـ لا خاصتهم ـ من تدثر بـ “البرنوس” فاستولى على عواطف العامة بدل أن يحرك عقولهم وأفكارهم و هي الثروة الحقة التي وجب عليها الرهان، ولا أعتقد أن” البرنوس” سيدر العملة الصعبة على غرار الإبداعات والمنتجات العلمية والتكنولوجية . وإني على خشية أن “السفساري` ´ والقشابية “سيكونان محل تنافس انتخابي في حملة المستهترين الانتخابية القادمة…. ولتذهب تونس إلى الجحيم ! هكذا يقول لسان حالهم .
أما الناخب فقد اختار أن يصفق “ينتخب” لجلاديه فينتخب من يحرف مأساته إلى ملهاة.
قد يسأل أحدكم أيها السيدات والسادة وأنتم تقرؤون ما كتبته إلى حد الساعة عن عدم ذكري لمن كان لهم السبق في أن خربوا البلاد وأذلوا واستعبدوا العباد، فكانت النتيجة أن تحجرت العقول لاسيما أنه لا إبداع ولا نشاط للعقل في غياب الحرية. أقول إن عدم ذكري لهؤلاء لحد الساعة هو احترام مني لعواطفكم ومشاعركم أنتم ـ حتى وإن كنتم يوما حاملين لبطاقة انخراط في حزب تلك العصابة وكلامي هذا ليس مراوغات سياسية وقد يأتي اليوم الذي تقرؤون فيه ما كتبته في كتابي سنة 2005 في منفاي وتوجهت به لكبار الراقصين اليوم رقصتهم السياسية على جماجم شهداء الثورة و هي الرقصة المكرسة لضياع مستقبل هذه البلاد. أشير لكتابي هذا حتى لا أحصى في عداد من يزايدوا اليوم بجرائم عصابة التجمع و في الآن نفسه يستثمرون الحدث من حيث الانخراطات والتبرعات.
ما أقوله اليوم هو ما كتبته في كتابي قبل سبع سنوات وكان قراءة سيكوسياسية أجبرتني على موضوعية مبنية على قاعدة ” لا يجرمنكم شنٍآن قوم ألا تعدلوا…” كما أجبرتني على أن أتناسى معاناتي و خاصة ما عانته زوجتي يومها و أطفالها الرضّع وهي قياسا بمن شاركنها “التهمة” أكثر من تضررت بجور عصابة الحكم على تونس يومها.
و المبدأ نفسه هو ما جعلني أشير إلى مراعاتي لمشاعر صنف معين ممن قد يقرؤون ما كتبته هنا لأني اعلم أنهم يألمون اليوم لإكراهكم بالأمس على هكذا انخراط أو نادمون بعدما علموا اليوم ما كانوا بالأمس يجهلون. سيما أن المنخرطين في “التجمع” أصناف.
في كتابي المشار إليه سلفا كنت صنفت فيه من هم منخرطون في الحزب المتحكم في تونس قبل التحرير أصنافا عدة تراوحت بين من هم قد احترفوا الجريمة وقد تستروا خلف صفتهم التجمعية تلك وبين من أكرهوا على هذا البغاء ، أي الانخراط في “التجمع” وقد أرادوا تحصنا ، وهذا الصنف الأخير شكل الأغلبية الساحقة وقد وجدت نفسها بعد التحرير في مفترق طرق منهم من دفع الجزية لحزب إسلامي … وقد يكون قد أحس مقابل ذلك بالأمان لكن الشعور بأنه اليوم كالأمس ما زال يعيش حالة المرأة المغتصبة، وهي حالة نفسية معلومة، لم يغادرهم. ومنهم من ما زال يتألم حين يذكر اغتصابه بالأمس ويضيق صدره بالحاضر ويفقد الأمل في المستقبل ليأتيهم رمز من رموز حقبتي ماض حالك السواد ويقدم لهم مشروع ردة اسمه حزب” نــــــــــــــــــــ: داء تونس ” وحقيقة الأمر أنه لا يمكن أن تغطي الأحرف على ألم ليصبح أملا.
وهذا العجوز المبشر المنادي إلى ألم الماضي يأمل أن يلم حوله من يمارسون السياسة على طريقة تبييض الأموال عند المافية ليكونوا جسما سياسيا مسرطنا يكون هو الورم الأصلي فيه ومن حوله “المتستازن” , وطالما أن حديثي اليوم هنا في هذا البلاغ هو ليس بالدرجة الأولى سياسيا أتجاوز الحديث عن بقية الفقاقيع السياسية وقد بدت لي أنها كما ونوعا أخطأت سبيلها فبدل أن يتحول مكونوها إلى المقهى كالعادة لتكوين فريق لعبة “شكبة ” أو ما شابهها خيروا هذه المرة أن يكونوا حزبا بنفس برامج مشروع “الشكبة” .
إن ما يشغلني في هذا المقام ـ المقال ـ هو إنذار مبكر للخراب الذي يهدد البلاد عامة و هو حتما أكثر خطورة من خراب مخرب الأمس، لأن مخرب الأمس يعلم أنه مخرب لذلك سخر مقدرات البلاد لحمايته من العقاب، أما مخرب اليوم فهو يخرب بنية انه يحسن صنعا.و أما نتيجة صنائعهم فهي ما أصابت و حتما لا تصيب الذين ظلموا خاصة. وأما علاج هذا الواقع فهو بلا شك شائك في كمه و كيفيته.
أكتفي هنا بالإشارة إلى حال وزارة التعليم العالي و البحث العلمي كعينة و قد بدت لي على ضوء ما يدور في دواليبها أنها أخذت اليوم دور وزارة الداخلية في عهد الاستبداد السياسي.
هذا الموضوع الذي أقض مضجعي و سيقض مضجع كل صاحب يقين أن لا نجاة لهذا البلد من الإفلاس الكامل إلا التسريع بمحاصرة الفساد في دواليب هذه الوزارة. وهو بحق فاجعة تامة القرائن في حق مستقبل البلاد . وقد راسلت وزيرها بعد لقاءات مع مستشارين له كاشفا له دوره ودور وزارته في تخريب و تجريف العقول عمدا بطريقة ممنهجة ، يقف وراء هذه البرامج ” أساتذة “وهذه العمليات في إحدى أوجهها إغراق البلاد بشهادات جامعية مزورة . جاء هذا بعد مراقبتي الحثيثة للواقع المفجع و الفظيع لهذه الوزارة. ودعوت هذا الوزير المسؤول لمحاكمة من يتأكد أنه من أساتذة ومستشاري الوزير و بقية المتورطين في هذه الجرائم ومن ثمة يأخذ المسار البحثي و العلمي في البلاد طريقه الطبيعي.
ركن هذا الوزير الذي تتداوله ألسن خصومه في الإديولوجيا أنه “خواف” إلى الصمت ، وقلت أنا إن تصرفا كهذا نتيجة طيبة رجل متدين وربما لهذا السبب لم يجرأ على محاسبة عصابة مخربة بسبب طيبته ، أو ربما لأنه يعيش تحت رحمتها وفي قبضتها إداريا و هكذا أباحت الضرورات المحظورات.
أما تفاصيل هذه الجرائم وأنواعها سترد عليكم تباعا في مراسلات لاحقة. لهذا فكرت وربما خلافا للأعراف التونسية في محاكمة هذا الوزير وهي الطريقة الوحيدة المجدية لإخراج كائنات حية من جحورها وقد ظنوا أنهم مانعتهم حصونهم ، ومن ثم كشف جرائم وزارتهم المتستر عليها على أمل التعجيل بالإنقاذ وإيقاف الاستنزاف الذي يهددني في وجودي وأحسب أنكم شركائي في هذا المصير لو استمرت سلبية هذا السلوك.
فهل منكم من تأهله كفاءته ليساهم في إنقاذ ما تبقى للإنقاذ من موقعه كرجل قانون مثلا، أو من أهلته فطنته ليسارع بفعل شيء ما ، لا من منطلق نظرة عروشية في كلا الاتجاهين: كأن لا يرى في الانضمام لهذه الحملة مجرد فرصة لخدمة ناديه السياسي أو العكس ، كأن يتفادى الانخراط لأن المعني بالإصلاح مكون من مكونات عشيرته التي تؤويه سياسيا.
كرجل قانون ينتظر منك تسخير مؤهلاتك القانونية ضمن هذه الحملة في محاصرة المتمعشين بالسياسة حتى يعلم المسؤولون أنهم مسؤولون تكليفا لا تشريفا، و على ضوء ذلك يرفع اللثام على من يظن انه لا تطاله الأنظار وهو يعيش في حماية ثقافة عبيد تضفي قدسية على المسؤول فينظر إليه طوعا أو كرها أنه لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه، فتشوه بذلك وعي المسؤول بذاته .
أما عن دعمك أنت وإلى جانب مهمة رجال القانون فهو بلا شك سيكون على هؤلاء المسؤولين أشد وطأة وأقوم قيلا ، وتحديد كيفيته موكول لك بالدرجة الأولى .
مع أملي أن لا يكون بينكم من يقرا كلامي على نحو أني ” ما عاجبو شيء” وقد يكون هذا إفرازا لحالات الانتماء السياسوي بطريقة دغمائية تتقطع فيها الصلة بين نية الفعل و النتيجة.
وعلى افتراض وجود هكذا حالة أقول لصاحب رأي كهذا : لا تكلفك نفسك بما لا قبل لك به كأن تذهب و تتأكد من رداءة الحال في مواطن إدارة البلاد بل لك و عليك أن تتأكد من ذلك من خلال نظرة بسيطة على مظاهر الحياة اليومية وهي المرآة العاكسة للواقع برمته ، هي المظاهر ذاتها التي جعلتني أجل الحيوانات لحرصها على دفن فضلاتها على عكس كائنات حية أخرى تتبختر عزا و افتخارا بذاتها على أكوام قمامة “الزبالة” رمت بها أيادي الكل في الفضاءات العامة بما في ذلك الذين قد يخوضون يوما ما حملة انتخابية بشعار: إماطة الأذى عن الطريق شعبة من شعب الإيمان.
أما من يرى في كلامي هذا ضعفا في الحنكة و الحيل السياسية التي يشترط النجاح فيها أن تقول “للضبع ما أجملك يا غزال” أقول هذا حال الأحزاب السياسوية لا الأحزاب أو الأعمال الإصلاحية و إلا كانت الأخيرة هي الأخرى مصبا للنفايات قاتلة للأمل في التنمية و الإصلاح…
وكما أسلفت الذكر أنه لا يمكن إصلاح الحال المهترئ بالاكتفاء بمجهود قلة من الكفاءات آلمها حال البلاد التي هي مهد وجودهم و فيها و منها معاشهم فقررت اليوم العمل الجماهيري بعد أن عز عليها أن تستمر في النأي بنفسها كي لا تجد نفسها في تماس مع مكونات عروش الدجل بأنواعه فتؤذى و تتأذى.
لهذا الغرض جاءت ضرورة التفكير في تكوين جبهة تعطي لا تأخذ ، مقاومة للدجل المشار إليه سابقا وكذا شأن تحصن عصابات الإدارة في آن و الانطلاقة في عملها الميداني ستكون ضد وزارة التعليم العالي لأهمية هذه الوزارة وبالغ الخطورة لما يدور فيها ، هذا في حملة بجناح قانوني وآخر ضغط جماهيري و اليقين الجامع للكل هو أن الاصلاح ليس مجرد رغبة بل تضحية و نضال ، وان كان غالبا ما يكون المصلح هو الضحية. فماركس الذي “تمركس” نصف العالم بعده كان شعاره في الحياة: لقد فسر الفلاسفة العالم تفسيرا متضاربة أما أنا فمهمتي تغييره” . و اوشك ان يقضى جوعا فداء لقناعاته لولا دعم ابن الاقطاعي رفيق دربه انجلس,هذه حجتي ضد تفاهات المرتزقة بإسم الماركسية في تونس. أما عن هواة التديّن فالحجة ضدهم قررها من يستظلون بظله زعما خدمته و قد ذم اولئك الذين لعجز فيهم قد استبدلوا التمني و التحلي بالعمل و الفعل الحق و انعكس ذلك على هويتهم التي يعيشونها لكن كمجرد شعور بالهوية.
كما آمل أن لا يكون من بينكم كقراء لما كتب هنا من هو سطحي الرؤية حين يقول ما قالته لي زوجتي النهضوية وقد أفضيت لها هاتفيا بحالة الانهيار التي عليها البلاد بقيادة قيادات ثابت إفلاسها حالها في ذلك حال عناصر عصابة ” التجمع” من حيث القدرة على النهوض بالبلاد ومؤكدا مراهنتها على أنها ما أرادت إلا إصلاحا والعبرة في النوايا. قالت لي زوجتي في تعليق لها على حال وزارة السيد منصف بن سالم كمثال ذكرته لها …قالت: هو آش ينجم يعمل مسكين الوضع صعيب و هو وحدو” . ذكرتها بكتاباتي الموجهة لهؤلاء وهم يتسكعون في شوارع أوربا بنيّة المعارضة السياسية بأن يكونوا من أكداسهم البشرية نماذج لدولة مصغرة حتى لا يغشى البلاد فراغا في حال حدث التحرير… ثم أردفت لها قائلا أن هذا “المسكين” كان بإمكانه من منطلق إنساني أن يوظف من راتبه الخاص شخصين أو ثلاث ويضع أمامهم خطا هاتفيا وعنوانا إلكترونيا ليتلقى مباشرة المعلومات التي تفيد النهوض بالوزارة إن كان يعيش حقا في قبضة ” سوس قديم ” . هذا عن المسؤولية من منظور إنساني. وللتذكير فإن هذا الوزير قد جاءته تقاريري في شأن الوزارة فخير الركون للذين خربوا.
أما عن المسؤولية من منظور ديني الذي يتمعش منها الكثير فأكيد إن فوج المتعبدين بالسياسة لم يتركوا في بيوتهم سوى تمرة لينفقوا كل ما يملكون في سبيل المبادئ أو العكس كأن لم يكن في بيوتهم سوى تمرة وهم اليوم يخشون ضياع ما أتيح لهم من نعمة. وختمت حديثي مع زوجتي بقولي لها : أنه يبدو أن الجنة التي يبتغي هؤلاء شراءها بأعمالهم هي بخسة ورخيصة بحجم قيمة أعمالهم التي لم ترق إلى أعمال أتباع اليسار الكافر الغير ملوث في ألمانيا بإملاءات الغرائز كما هو الحال في تونس. فهناك من يقيم في السجن منذ ما يزيد عن ثلاث عقود بسبب رفضه الإدلاء بشهادة تدين رفيقا له وهو بالمناسبة لا ينتظر من نضاله هذا “الجنة” . أما الطامعون في الجنة ” المضروبة ” فهم لا هم لهم إلا المن، ومن يمنن يستكثر فيغرق ويغرق من معه ، وهذا دأب السيد وزير التعليم العالي، حسب الظاهر، الذي بدل أن يحدثنا عن إنجازاته في الوزارة كان يفر للحديث عن بيعه للخضر في” البرويطة “. وهو قياسا بي أثبت أنه “يحسبها مليح ” حيث أنه حقق من “البرويطة” ما عجزت أنا على تحقيقه بعد إقامة دامت 22 سنة منفى بألمانيا والحال أني لا اكسب دراجة … فكن أنت أنت أيها القارئ ولاتكن أنت هو أو أنت أنا .
اترك تعليقاً